بسم الله الرحمن الرحيم
( قُتِلَ أصحابُ الأخدود (4) النار ذات الوقود (5)إذ هم عليها قعود (6)
وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلى أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (8).........إلخ )
عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان ملكٌ فيمن قبلكم وكان له ساحر ، فلما كبر الساحر قال للملك إني قد كبُرَتْ سِنِّي ، وحضرني أجلي فادفع إلى غلاما فلأعلمه السحر فدفع إليه غلاما
فكان يعلمه السحر وكان بين الملك وبين الساحر راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع كلامه فأعجبه نحوه وكلامه ، وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك ، وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا : ما حبسك ؟
فشكا ذلك إلى الراهب فقال له : إذا أراد الساحر أن يضربك فقل : حبسني أهلي ، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني الساحر ، قال : فبينا هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس
فلا يستطيعون أن يجوزوا ، فقال : اليوم أعلم أمر الساحر أحب إلى الله أم أمر الراهب ، قال : فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس
ورماها فقتلها ومضى فأخبر الراهب بذلك فقال له : أي بُني أنت أفضل مني ، وإنك ستبتلى فلا تدل عليَّ
فكان الغلام يبريء الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم الله على يديه ، وكان جليس للملك فعميَ فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال : اشفني ولك ما هنا أجمع ، فقال : ما أنا أشفي أحدا إنما يشفي الله عزَّ وجلَّ
فإن آمنت به ودعوتَ الله شفاكَ ، فآمنَ فدعا الله فشفاهُ ، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك : يا فلان من ردَّ عليك بصرك؟
فقال : ربي ، فقال : أنا ، قال : لا ، ربي وربك الله ، قال : وهل لك ربٌّ غيري ؟ قال : نعم ، قال : ربي وربك الله ؟ فلم يزل يعذبه حتى دلَّ على الغلام ، فأتى به فقال : أي بني بلغ من سحرك أن تبريء الأكمه
والأبرص وهذه الأدواء ؟ قال : ما أشفي أنا أحدا ، إنما يشفي الله عز وجل . قال : أنا ، قال : لا ، قال : أَوَلَكَ ربٌَ غيري ؟
قال : ربي وربك الله ، قال فأخذه أيضا بالعذاب ولم يزل به حتى دلَّ على الراهب ، فأتى الراهب فقال : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه ، وقال للأعمى : ارجع عن دينك
فأبى ، فوضع المنشار ففعل به مثل الراهب .
ثم قال للغلام : ارجع عن دينك ، فأبى ، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال لهم : إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه منه ، فذهبوا به فلما علوا الجبل قال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت
فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون ، وجاء الغلام يلتمس حتى دخل على الملك فقال : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله ، فبعث به مع نفر في قرقرة فقال : إذا لججتم البحر فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه في البحر
فلججوا به البحر فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون ، وجاء الغلام حتى دخل على الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله .
ثم قال للملك : إنك لستَ بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به فإن فعلتَ قتلتني ، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي ، قال الملك : وما هو ؟
قال : تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي ثم ثم قلْ بسم الله ربِّ الغلام
فإنك إن فعلت ذلك قتلتني ، ففعل ووضع السهم في كبد القوس ثم رماه . وقال : بسم رب الغلام فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات .
فقال الناس : آمنا بربِّ الغلام ..آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام
فقيل للملك أرايت ما كنت تحذر ، فقد والله نزل بك قد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فحفر فيها الأخاديد ( الشقوق ) وأضرمت فيها النيران ، وقال من رجع عن دينه فدعوه ، وإلا فأقحموه فيها
وقال فكانوا يتعادون فيها ويتواقعون فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاست أن تقع في النار ، فقال الصبي : اصبري يا أماه فإنك على الحق .)
كذا رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي والترمزي .